جاري تحميل ... مول لعربية - Mol L3arbiya

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة

الثانية آداب وعلوم إنسانية

مبارزة : تحليل القصة ① لمحمد إبراهيم بوعلو | الدورة الثانية










 تمهيد:

القصّة القصيرة نوع أدبي نثري إبداعي معاصر، انتقل إلى الأدب العربي وتميز عن غيره من الأنواع الأدبية الأخرى بمجموعة من الخصائص منها: اعتماد فضاء الحكاية من زمان ومكان وشخصيات وتوظيف الحدث الذي يتطور ليصل إلى العقدة ثم الحلّ، بالإضافة إلى تقنيات السرد والحوار والوصف.

وقد ساهمت عدة عوامل في ظهور هذا الفن، منها:

- العامل الاجتماعي: المتمثل في ظهور فئات متوسطة تُعنى بالتعليم والتأليف كوسيلة من وسائل تطوير المجتمع.

- العامل الثقافي: حيث كثرت المدارس والجامعات وعمليات الاطلاع على كتابات الأمم الأخرى.

- عامل الاتصال بالغرب: بواسطة البعثات الطلابية والترجمة.

- عامل تطور الصحافة والنشر: نظرا لما وفّره هذا العامل من سرعة انتشار المعلومات وتعدد مصادرها.

ومن أهم رواد هذا الفنّ النثري في الوطن العربي نذكر: محمود تيمور، مبارك ربيع، زكرياء تامر، أحمد بوزفور، محمد إبراهيم بوعلو... وغيرهم.


І- ملاحظة النصّ:


1) صاحب النص:

محمد ابراهيم بوعلوكاتب قصة مغربي ولد بمدينة سلا عام 1938 م، حصل على الإجازة في الفلسفة ثم على دبلوم الدراسات العليا بجامعة محمد الخامس بالرباط حيث عُيّن بها أستاذا محاضرا. أشرف على مجموعة من المجلات الأدبية والنقدية وترك لنا عددا من الأعمال القصصية منها: السقف و ”الفارس والحصان، بالإضافة إلى عدد من المسرحيات.

2) نوعية النص ومصدره:

النص عبارة عن قصة قصيرة مأخوذة عن مجموعة الفارس والحصان دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 1975 م، ص: 209 - 212 .

3) ملاحظة العنوان ووضع الفرضية

عنوان هذه القصة يتشكل من لفظة واحدة لها مرجعية في التاريخ العربي والعالمي، فـالمبارزة عملية ثنائية بين فارسين تسبق كل حرب  كبيرة بين جيشين، كما يمكن أن تكون بين شخصين بينهما عداوة أو تصفية حساب، والسؤال هو: ما  المتن الحكائي لهذه القصة ؟ وما خصائها الفنية ؟ وإلى أي حد استطاع الكاتب توظيف مكونات وعناصر الفن القصصي ؟


ІІ- فهم النّص:


* المتن الحكائي للقصّة:
في بداية القصة دعا الخصم البطل إلى القيام بمبارزة بالسيوف الحقيقية، مما جعل هذا الأخير في حيرة من أمره، فإما أن يقبل هذه المبارزة التي لا يعرف سببها كما لا يعرف صاحبها وبالتالي قد يتعرض للموت، وإما يرفض وفي هذه الحالة سيفقد شرفه أمام أصدقائه وأمام خطيبته، لذلك حاول مرارا أن يجد حلا مناسبا يخرج به من هذه الورطة، إلا أنّ كل محاولاته باءت بالفشل عندما أصر خصمه على القتال ولم يتدخل أصحابه لمساعدته، فقرر خوض المبارزة رغم أنه لم يتدرب إلا على سيوف خشبية، فواجه خصمه مواجهة البطل المقدام، وفجأة صاح في وجه عدوه صيحة استيقظ معها من نومه فزعا وهو يلعن الدون كيشوت وطواحين الهواء التي كان يقاتلها.


ІІІ- تحليل النص:

1 - الحدث:

حلم البطل الذي رأى في منامه أنه مطلوب للمبارزة مع خصم لا يعرفه وليس بينهما عداوة، ليستفيق بعد ذلك لاعنا دون كيشوت.

2 - الشخصيات:

الشخصية الأساسية في هذه القصة هي البطل الذي كان مطلوبا للمبارزة وهو يتميز بعدد من الصفات يمكن إجمالها كما يلي:

* الصفات النفسية: فهو ذو شخصية قلقة مضطربة تتجاذبها عدد من العوامل النفسية المتناقضة كالخوف والحب والشجاعة والجبن.

* الصفات الاجتماعية: له خطيبة فاتنة وأخت وأصدقاء.

* الصفات الفيزيولوجية: ذو بنية جسمانية ضعيفة أو عادية ( كان يعتبر نفسه غير مؤهل لهذه المبارزة).

بالإضافة إلى شخصية البطل هناك شخصيات أخرى تمثلت أساسا في الخصم الذي دعاه للمبارزة، وكذلك الأخت التي كان يبارزها كل مساء، هذا فضلا عن الأصدقاء.


3 - المكان:

وهو مجال حركة الشخصيات وتفاعلها وانفعالاتها، وهو في النص ساحة المبارزة التي تجسدت في الغابة البعيدة عن المدينة والتي قصدها دون أن يعرف السبب  فاعترض الخصم سبيله.

4 - الزمان:

رغم أن هذه القصة محدودة من حيث الزمان لأنها مرت في لحظات فإننا نستطيع أن نميز فيها بين ثلاثة أزمنة:

* زمان حقيقي فلكي: وهو الليل حيث نام البطل و رأى حلمه.

* زمان نفسي: تجسد عبر عدد من الحوارات الداخلية التي أجراها البطل مع ذاته. 

* زمان نحوي: مرتبط باستخدام الأفعال التي جاءت متنوعة بين الماضي (وجد ـ اقترب) والمضارع (يتخلى ـ يفوقون) والأمر (هاتوا).


5 - الرؤية السردية:

تقوم عملية الحكي في النص من خلال سارد غير مشارك في الأحداث، لكنه مُطّلع على كل خبايا شخصية البطل، بحيث يعرف ما تقوم به وما تفكر فيه وما تشعر به، وهذا النوع من الرؤية السردية يطلق عليه الرؤية من خلف، ومن أمثلة ذلك قوله : "إنا لا نستطيع أن نصف بالضبط ما كان يجول في دماغه وهو في موقفه المحرج هذا، غير أننا نستطيع أن نتكهن مع شيء من التحفظ أنه كان يعتبر نفسه غير مؤهل لهذه المبارزة، وأن الأولى بأحد أصدقائه الملتفين حوله أن يدفعوا عنه هذا الضيم، ولكن فيما يظهر أنه لا مفر له من حمل السيف وأن يتقدم نحو خصمه..."

6 - الحوار:

تخلّلت القصّة مجموعة من مقاطع الحوار التي دارت بين شخصيات القصة، ولكن الغالب عليها كان هو الحوار الداخلي أو ما يطلق عليه المونولوج، الذي لجأ الكاتب لخلق تفاعل بين الشخصيات أو التعبير عن عالمها الداخلي. فالحوار في النص نوعان: داخلي تجريه الشخصية مع نفسها، فيساعد ذلك على كشف ما بداخلها من أفكار ومشاعر ومواقف ...)، ومثال ذلك ما حدّث به البطل نفسه بقوله: «كيف أسمح له بها... إنني خطيبها الشرعي، وإنني أمام العالم أجمع أحق بها من غيري، وهذا الذي ينازعني بالمبارزة إنما هو رجل أحمق ... نعم رجل لا يحترم القوانين». ثم هناك أيضا الحوار الخارجي، ويتم تارة بين البطل وخصمه "ماذا تنتظر ؟ .. لا شيء يا أخي" وتارة بين البطل وأصدقائه "عندها سنقتلك نحن - إنكم جميعا أوغاد".


7 - اللغة والأسلوب:

إنّ كتابة هذه القصة القصيرة لمخاطبة جمهور واسع فرض على الكاتب استخدام لغة سهلة واضحة وأساليب تركيبية غير معقدة، حيث نجد أنّ اللغة المستعملة يهيمن عليها المعجم النفسي الذي يساعد على التغلغل في الشخصيات وکشف بواطنها الداخلية، كما أنّ الكاتب يزاوج فيها بين الجمل الخبرية والأساليب الإنشائية فالجملة الخبرية تساعد على تقديم الأحداث والتعريف بالشخصيات والأمكنة والأشياء، أما الجملة الإنشائية فتساعد على تحقيق التواصل والتجارب بين الأطراف المتفاعلة في القصة، وبالإضافة إلى ذلك لا يمكن إغفال أهم ميزة تميز لغة النص وهي الوظيفة الشعرية التي تحققها انطلاقا من طابعها الإيحائي الذي ينزاح عن اللغة العادية، فينتج عن ذلك تعابير جميلة تمارس تأثيرا وجاذبية على المتلقي، ومثال ذلك: (لكن عينيه اشتبكت بعيني رفيقه - إنه سيبعد عنهم شبح الهزيمة - غزت قلبه وساوس وظنون...)
8 - المغزى:

أي أنّ القصة ليست مكتوبة من أجل التسلية ولكنها تحمل رسالة، والواضح أنّ إشارة القصة إلى مسألة المبارزة وإلى قصة البطل دون كيشوت الذي كان مشهورا بمبارزة الطواحين الهوائية ظنا منه أنها شياطين لابد أنه ينتقد المجتمع العربي الذي أصبح يتشكل من مبارزين من هذا النوع وبالتالي فلا بطولة بعد ذلك. إنّ غاية الكاتب من هذه القصة هو استبطان الشخصية الإنسانية وكشف مراحلها وإبراز متناقضاتها، وهذا ما ينطبق على الشخصية المحورية، بحيث تبدو شخصية مركبة ومتداخلة، تتجاذبها مجموعة من المتناقضات، فهي تتأرجح بين الضعف والقوة، والتردد والحماس، والذل والكرامة، واليقظة والحلم، والواقع والوهم.


ІІІІ- تركيب وتقويم:

استنادا إلى ما سبق، يتبين أن النص يمثّل إلى حد كبير مقومات القصة القصيرة الحديثة، فهو من جهة ينتمي إلى "تيار الوعي" الذي ظهر بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وكان يهدف إلى استيطان الشخصية الإنسانية وكشف دواخلها وإبراز متناقضاتها... وهذا ينطبق على شخصية البطل الذي يسمح لنا النص بالغوص في عالمها النفسي الداخلي وتبين أفكارها ورغباتها ومشاعرها المختلفة، وهو من جهة ثانية يمثل هذا الفن من خلال قيامه على وحدة الحدث (المبارزة، وقلة الشخصيات البطل، وغريمه، وخطيبته، وأصدقاؤه)، والمحدودية في الزمان والمكان (لحظة المبارزة في الغابة)، بالإضافة إلى سمات فنية أخرى كالسرد الذي تهيمن عليه الرؤية من الخلف، والوصف الذي تتوزع وظائفه بين التعريف بالشخصيات والأمكنة والأشياء، وإنارة الأحداث، وتكسير رتابة السرد، ثم الحوار بنوعيه الخارجي والداخلي الذي يتيح التواصل بين الشخصيات والتغلغل في أعماقها، هذا فضلا عن التنويع في استعمال الأساليب بين الخبر والإنشاء، وأخيرا توظيف لبعض الصور البلاغية التي منحت النص طابعا شعريا إيحائيا.

وقد ساهمت كلّ هذه المقومات الفنية في بناء نص قصصي يتميز بالتشويق والإثارة التي تدفع المتلقي إلى الإنجذاب والترقب والتفاعل مع الأحداث والشخصيات، الشيء الذي طبع النص بسمة خاصة، تجعل منه تجربة متميزة، كما تجعل من صاحبه دعامة أساسية للفن القصصي بالمغرب.




منهجية التحليل pdf:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

تجدون في هذه المدوّنة دروس مادة اللغة العربية، من منهجيات تحليل النصوص إلى طرق التعامل مع الامتحانات الجهوية والوطنية. كل ذلك في سبيل المساعدة وضمانا للنجاح.