جاري تحميل ... مول لعربية - Mol L3arbiya

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة

الثانية آداب وعلوم إنسانية

لي في من مضى مثل : تحليل النص الشعري، ص: 24 I واحة اللغة العربية I الدرس ❷







 تمهيد:

لقد كان وراء ظهور حركة البعث والإحياء عدة عوامل، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: الاستبداد العثماني / الغزو النابليوني / الاستعمار الغربي للعالم العربي / ظهور تيارات وطنية تنادي بإجلاء الاستعمار، وأخرى سلفية توفيقية تنادي بالأصالة والمعاصرة ...

وقد تميّز شعر روّاد هذه الحركة بمجموعة من الخصائص، أهمها: إعادة إنتاج الأغراض الشعرية القديمة / اعتماد مدونة معجمية جاهزة / توظيف صور شعرية من التراث الشعري القديم / النظم على منوال البناء الخليلي / توظيف أساليب تقريرية واضحة، وخطابية مقنعة، وإنشائية مؤثرة.

ويمكن توزيع روّاد هذه المدرسة جغرافيا على النحو الآتي:

* في مصر:
محمود سامي البارودي / أحمد شوقي / حافظ إبراهيم / محمود صفوت الساعاتي / صالح مجدي / عبد الله فكري..

* في العراق:
محمد مهدي الجواهري / معروف الرصافي / جميل صدقي الزهاوي...

* في سوريا:
ناصيف اليازجي / يوسف الأسير / إبراهيم الأحدب...

* في لبنان:
إبراهيم اليازجي / خليل اليازجي / أمين نخلة...

* في الجزائر:
محمد العيد آل خليفة / أحمد الغوالمي...

* في تونس:
أحمد خير الدين / مصطفى خريف...

* في المغرب:
محمد بن براهيم / المختار السوسي / عبد الله كنون / محمد الحلوي / علال الفاسي...
 

І- ملاحظة النصّ:


1- نوعية النص:

قصيدة شعرية عمودية، تتميز بنظام الشطرين المتناظرين ووحدة الوزن والقافية والروي.

2- صاحب النص:

محمود سامي البارودي: شاعر مصري، ورائد مدرسة إحياء النموذج.
                                                                            
3- دلالة العنوان:

يوحي عنوان القصيدة “لي في من مضى مثل” باعتراف الشاعر بفضل الشعراء الجاهليين عليه، فشعرهم مثلٌ يحتذى.

4- دلالة الأبيات:

 * 1:
مقدمة عاطفية
 * 7: وصف الفرس
 * 10: الفخر بالفروسية           
 * 17: وصف الصيد
 * 23: تقديم حكم ومواعظ

◄ 
نلاحظ من خلال هذه الأبيات تعدد الأغراض الشعرية في القصيدة.

5- علاقة الأبيات بالعنوان:

تعدد الأغراض الشعرية في القصيدة دليل على اقتداء الشاعر بالقدماء في طريقة نظم الشعر.

6- الفرضية: 

نفترض انطلاقا من معلومات صاحب النص وعنوانه، وكذا ربطا بين دلالة الأبيات: 1 – 7 – 10 – 
17 – 23 والعنوان، أن الشاعر سينظم قصيدته على منوال الشعراء القدامى شكلا ومضمونا.



ІІ- فهم النّص:


أ‌) المضمون العام:

استهلال الشاعر القصيدة بمقدمة عاطفية عبرّ فيها عن حنينه وشوقه إلى الصبا، وانتقاله إلى الإشادة بالفتوة والفروسية ووصف الصيد، ثم اختتامها حكيما رشيدا.

ب‌) الوحدات الدلالية:

- الوحدة الأولى: من البيت 1 إلى البيت 4: حنين الشاعر إلى أيام الصبا وتجربة الحب التي ألمّت به، واعترافه بسيره على خطى القدماء في نظم الشعر.

- الوحدة الثانية: من البيت 5 إلى البيت 14: افتخار الشاعر بفروسيته، ووصفه لفرسه ومدى قوته في ساحة الحرب.

- الوحدة الثالثة: من البيت 15 إلى البيت 18: وصف الشاعر رحلة الصيد، والرفقة الحسنة مع أصدقائه.

- الوحدة الرابعة: من البيت 19 إلى البيت 23: أمر الشاعر الناس بالتحلي بمجموعة من الأخلاق الحميدة، وتأكيده أن هذا هو الأدب الموروث خلفا عن سلف.

 من الواضح أن المضمون في هذه القصيدة يقوم على تعدد الأغراض والموضوعات، وأن الانتقال من غرض إلى آخر كان يتم بنوع من حسن التخلص، هذا فضلا عن براعة الاستهلال وحسن الاختتام. وكلها معطيات تميز القصيدة الإحيائية والتراثية.
ثم إنّ تعدد الأغراض الشعرية في القصيدة استدعى بالضرورة تعدد الحقول المعجمية (الفروسية، الوصف، الحكمة) التي تعكس القيم الثقافية الموروثة.       

ІІІ- تحليل النص:

1- المعجم:

* حقل الفروسية: أسير أمام القوم ضاحية والجو بالباترات البيض مشتعل / أمضي به الهول مقداما / يمر بالهام مر البرق في عجل...

حقل الوصف: شيب اللمة / أشقر / زرق حوافره / سود نواظره / خضر جحافله / في خلقه ميل / سارية هطلاء دانية / فلا غش ولا دغل...

حقل الحكمة: هذا هو العيش لا لغو الحديث / فالريث يحمد في بعض الأمور / هذا هو الأدب المأثور / فارض به علما لنفسك / فالأخلاق تنتقل...

◄ نستخلص انطلاقا مما سبق، أن معجم النص يعتمد مدونة معجمية جاهزة، ويوظف ما تناثر في النص الشعري القديم من ألفاظ وعبارات عتيقة، كما أنه معجم يتسم بالجزالة والقوة والفخامة والمتانة...
وهذه الخصائص كلها تميّز النص الشعري الإحيائي.



2- الصورة الشعرية:

·  الاستعارة:

- في البيت 3: حيث يستعير الشاعر لـ"الأزل" صفة ليست من صفاته "الخط" على سبيل الاستعارة المكنية.

- في البيت 5: إذ يعطي الشاعر لـ"الأهوال" طابعا إنسانيا فأطلعته على أسرارها، وذلك أيضا على سبيل الاستعارة المكنية.

·  التشبيه:

- في البيت 8: حيث يشبّه الشاعر فرسه بإشراق الصبح.

- في البيت 11: إذ يشبه الشاعر مرة أخرى فرسه وهو يمر بالناس بالبرق في سرعته.

◄ نلاحظ أنّ الشاعر اعتمد صورا شعرية مستمدة من المحفوظ الشعري بدلالات تراثية أغراضية واضحة ومفهومة، وهذه الصور أدت وظيفة تزيينية.

3- الإيقاع الخارجي:

· الوزن:

رَدَّ الصِّـبَــا بَــعْـدَ شَيْبِ اللِّمَّةِ الْغَزَلُ *** وَرَاحَ بِالْجِدِّ مَا يَأْتِي بِهِ الْهَزَلُ
رَدْدَ صْصِبَا بَعْدَ شَيْبِ لْلِمْمَةِ لْغَزَلُو *** وَرَاحَ بِاْجِدْدِ مَا يَأْتِي بِهِ لْهَزَلُو
  /0 /  0  /  / 0  / 0 /   / 0  /  0 / 0 / / 0 /// 0          / / 0 /  / 0 / 0 /  / 0 / 0 /0 / / 0 // / 0
   مستــفـعـلن  فاعــلن مسـتـفعلن فعلن      متـفعـلن فـاعـلن مستفعلن فعلن

◄ يتضح أنّ الشاعر قد نظم قصيدته على بحر البسيط التام، وهو من البحور الطويلة والممزوجة. وهاتان الصفتان تتناسبان مع موضوعات النص، لأنها متمازجة بدورها. ويبدو أن الوزن في القصيدة قد خضع لبعض التغييرات، منها: دخول زحاف الخبن على تفعيلتي العروض والضرب، وكذلك على التفعيلة الأولى من العجُز. وهكذا أسفر زحاف الخبن عن قيمة إيقاعية مضافة تتمثل في تكسير رتابة التفعيلة الصحيحة، وتسريع وتيرة الإيقاع.

· الروي: عبارة عن حرف صحيح (اللام)، تكرّر على امتداد القصيدة، مما ساهم في إغناء إيقاعيتها.

· القافية: جاءت مطلقة لأن رويّها متحرك (لُ)، ومتراكبة لتضمنها ثلاثة حروف متحركة بين ساكنيها (ــهِ لْهَزَلُو: /0 ///0).

· التصريع: ويتمثل في البيت الأول من القصيدة: رَدَّ الصِّـبَــا بَــعْـدَ شَيْبِ اللِّمَّةِ الْغَزَ[لُ] *** وَرَاحَ بِالْجِدِّ مَا يَأْتِي بِهِ الْهَزَ[لُ]
حيث اتفق آخر شطري البيت في حرف واحد هو (اللام)، وهذا بدوره يسهم في إثراء موسيقى النص.

◄ هكذا يتضح أن مظاهر التقليد وسمات المحافظة على الموروث الإيقاعي الخارجي بادية بشكل واضح في هذا النص، سواء من خلال النظم على منوال البناء الخليلي والمتمثل في المحافظة على وحدة الوزن والقافية والروي، أو الانجذاب أكثر للأوزان الطويلة وذلك على غرار ما فعله الشعراء القدامى، أو توظيف ظاهرة "التصريع".

4- الأسـلوب:

- استعمال ضمير المتكلم: قدرت على شيء هممت به / قبلي / لي / نازعتني النفس / أطلعتني / أسير...
- توظيف أسلوب الأمر: فاتبع هواك / دع / واعرف / فارض به.

ІV- تركيب وتقويم:

   وصفوة القول، إن النص المدروس ينتمي إلى حركة البعث والإحياء، لأنه حافظ البناء التقليدي للقصيدة، وأعاد إنتاج نفس الأغراض الشعرية القديمة من غزل وفخر ووصف وحكمة، كما اعتمد مدونة معجمية جاهزة ووظف صورا شعرية من التراث الشعري القديم، هذا فضلا عن النظم على منوال البناء الخليلي، وتوظيف أساليب لغوية واضحة وإنشائية مؤثرة.
   وهذه الخصائص كلها تعكس بامتياز انتماء النص إلى الاتجاه الإحيائي، وهذا ليس بغريب أو صعب على "محمود سامي البارودي" الذي يعتبر رائد هذا الاتجاه، وأحد أبرز رموزه الكبار بدون أي منازع.

هناك تعليقان (2):

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

تجدون في هذه المدوّنة دروس مادة اللغة العربية، من منهجيات تحليل النصوص إلى طرق التعامل مع الامتحانات الجهوية والوطنية. كل ذلك في سبيل المساعدة وضمانا للنجاح.