تحليل نموذج نص نقدي يوظّف المنهج الاجتماعي
إذا كان الـمنهج الاجتماعي قد ظهر في الغرب منذ مطلع القرن 19م، وبالذات
سنة 1800م تاريخ صدور كتاب "الأدب في علاقته بالـمؤسسات الاجتماعية" للناقدة
والروائية الفرنسية مدام دوستایل، فإنه لـم يبدأ بالظهور في العالـم العربي إلا مع بداية
القرن (20م). ويعتبر أحد أبرز الـمناهج النقدية التي تقرأ النص الأدبي في ضوء شروط إنتاجه،
وذلك بالانطلاق من مسلمة مركزية مؤداها أن هذا النص ذو علاقة وطيدة بـمرجع خارجي عنه
هو "الواقع الاجتماعي"، وهذا الـمرجع يجب أن يكون هو الـمنطلق ليس فقط لإنتاج
النص، وإنـما أيضا لفهمه وتأويله. ولعل ذلك هو ما طبّقه الأمين العمراني في دراسته
لرواية "دفنا الـماضي" لعبد الكريم غلاب في هذا النص النقدي، معتمدا في ذلك على الـمنهج الاجتماعي، كما تدل على ذلك مؤشرات من قبيل: (العنوان، بداية النص، أخره...).
وإذ يكن الأمر كذلك، فما مدى تـمثيل هذا النص لـمقومات وخصائص ذلك الـمنهج ؟
يَسْتهِلّ الناقد نصه بالإشارة إلى أن رواية
"دفنا الـماضي" لعبد الكريم غلاب تصبو إلى التبشير بـمجتمع مغربي أخر تسوده
قيم اجتماعية جديدة، تنبذ التمييز والفوارق الطبقية، وتؤمن بالـمساواة والحب والعدل،
وهذه القيم ظهرت نتيجة عوامل تاريخية ترتبط بخروج البلاد من مرحلة الانغلاق وانفتاحها
التدريجي على العالـم، وعلى ما يشهده من أعراف ديـمقراطية وثقافة متحررة تؤمن بالإنسان،
وتجعل كرامته فوق كل الاعتبارات الاجتماعية أوالإثنية أو العقائدية. وتجدر الإشارة
إلى أن ظهور هذه القيم الجديدة أدّى بالضرورة إلى اختفاء واندثار قيم تقليدية متجاوزة،
وعلى رأسها ظاهرة (النخاسة) التي انتقدها عبد الكريم غلاب على لسان عبد الرحمان الشخصية
الرئيسة في الرواية، وكذا قضية (العلاقة بين الرجل والـمرأة)، هذه العلاقة التي رأى
الكاتب أنها تختزل في الحب بـمعناه الحسي/الجنسي.
ونتيجة لـما سبق، يرى الناقد الأمين العمراني أن (النزعة الإصلاحية) تتحكم وتنتصر على ما سواها من نزعات فنية في الكتابة الروائية لدى عبد الكريم غلاب، وفي "دفنا الـماضي" على وجه الخصوص. ويبدو أن الـمبرر الذي قدمه الناقد لهذه الظاهرة هو اعتماد الكاتب منطلقات الكتابة الواقعية وطرائقها التي تتمثل في اعتماد الأسلوب السردي الوصفي الاسترسالي، باعتباره الأنسب لتمثيل الواقع الخارجي، أو بالأحرى خلق واقع آخر مشاكل ومناظر له، وتلك هي القاعدة الفنية العامة للمحاكاة التي تعتبر ملهمة الكتابة الروائية في "دفنا الـماضي"، هذه الـمحاكاة التي يرى الناقد أن مبدأها الجمالي ينقسم إلى شقين: يتمثل الأول في محاكاة الواقع (واقع الـمجتمع الـمغربي)، والثاني في محاكاة الخطاب (الخطاب الروائي الواقعي الـمشرقي). وهكذا إلى أن يخلص الناقد إلى أنه من الـمنطلق الواقعي "النقدي" السابق يضع عبد الكريم غلاب لروايته خاتـمة دالة، يتم فيها خلق مصائر محددة ومحبوكة بعناية للشخصيات الرئيسة والـمتعارضة في النص الروائي، وهذه الخاتـمة بقدر ما تصبو إلى الإيحاء بانتصار الـمستقبل على الـماضي، تصبو كذلك إلى تبليغ رسالة الكاتب الاجتماعية الإصلاحية لواقع تقليدي كائن من أجل واقع تقدمي ممكن.
وبالنظر إلى الـمصطلح النقدي الـموظف
في النص، أمكننا جرد الـمفاهيم والعبارات التالية: قراءة الخلفية الدلالية والرمزية
لأحداثها ووقائعها - قيم جديدة ... حاولت الرواية جاهدة تبنيها وتصويرها - تحفل الرواية
بعدد من الـمقاطع السردية التي تدخل في اطار النقد الاجتماعي - الزمن الخاص للرواية
- الزمن الواقعي - عبد الرحمان الناطق الرسمي بـمبادئ الروائي - يجسد (عبد الرحمان)
رؤية الإنسان الـمغربي الـمتماهية مع رؤية الـمؤلف - من جملة القضايا الاجتماعية التي
ينتقدها الكاتب - مستغلا نلك لنقد تعامل الـمجتمع مع مفهوم الحب - على هذا النحو تتحكم
النزعة الإصلاحية، وتنتصر على ما عداها من نزعات فنية أو جمالية - منطلقات الكتابة
الواقعية - تـمثيل الواقع ومماثلة الوقائع - القاعدة الفنية العامة للمحاكاة - تقويض
الواقع العين الخارجي وتجاوزه... إلی تصویر واقع آخر مشاكل للأول ومناظرله - تبليغ
رسالته الاجتماعية الإصلاحية من منطلق الكتابة الواقعية "النقدية" - البنية
القائـمة على الصراع بين الـماضي والـمستقبل، بين القديم والجديد، بين الكائن والـممكن
- على نـمط الروايات الواقعية - اندحار الواقع وتحقق الـممكن .
ولا شك أن هذه الـمصطلحات والعبارات
تؤكد، بالـملموس، توظيف النص للمنهج الاجتماعي، علما بأنه من الـمؤشرات والقرائن
النصية الأخرى التي يـمكن الاستدلال بها في هذا السياق، نذكر:
*
استعمال الناقد في توصيفه للوعي الاجتماعي داخل الرواية لـمفهومين مرکزیین لدی لوسيان
غولدمان، وهما: "الوعي القائم"، و"الوعي الـممكن".
* وصفه
واقعية عبد الكريم غلاب في رواية دفنا الـماضي بكونها "واقعية نقدية"،
وهي الواقعية التي لا تكتفي بالنقل الآلي والـميكانيكي للواقع، وبالتسجيل الحرفي لوقائعه،
وإنـما تلك التي تنتقده، محاولة خلق واقع آخر ممكن وبديل عنه، يتجاوز نقائص الواقع الأول
وأخطاءه.
*
عقده لعلاقة وطيدة بين الظاهرة الروائية والظاهرة
الاجتماعية، وهي علاقة تغدو معها، لكثير من الرموز الروائية، دلالات واقعية واجتماعية،
وذلك كما يلي:
-
عبد الرحمان: يجسد رؤية الإنسان الـمغربي الجديد الـمتماهية مع رؤية الـمؤلف، والـمتطلعة
إلى مجتمع بقيم إيجابية جديدة.
-
محمود: حامل لتصور يؤمن بقيم بالية تقليدية (الـمعاناة من عقدة الانتساب إلى أم جارية).
-
الحاج محمد: رمز الـماضي والتقليد والتخاذل.
-
موت الحاج محمد: موت واقع الانغلاق والقيم الدونية والأعراف المنحطة التمييز، الفوارق
الطبقية والاجتماعية، النخاسة، اختلال العلاقة بين الرجل والـمرأة، اختزال الحب في بعده
الحسي الجنسي...
- العودة الـمظفرة للملك محمد
الخامس من الـمنفى: رمز الـمستقبل الـمشرق، الـمستقبل الذي ستسود فيه الحرية والاستقلال
والكرامة.
والحقيقة، أن الـمنهج الاجتماعي
الموظف، في هذا النص، بقدر ما له من إمكانيات وإيجابيات تـمثل مواطن قوته، فإن عليه
ملاحظات ومكامن قصور تشكل مواطن ضعفه.
فأما "مواطن قوّته"
فتكمن في:
- إغناء رصيد معجم النقد الأدبي
بـمصطلحات فلسفية واجتماعية من قبيل: الوعي القائم، الوعي الـممكن، رؤية، النزعة الاصلاحية،
الكتابة الواقعية، تـمثيل الواقع، مماثلة الوقائع، الواقع العيني الخارجی، تصویر واقع
آخر مشاكل للأول ومناظر له، الواقعية النقدية، الصراع...
- تقديـمه "الرواية"
بوصفها حاملة لرسالة إصلاحية اجتماعية إنسانية نبيلة، تتمثل في نقدها لـمجتمع قائم تسوده
قیم رثة وبالية وسلبية، ونشدانها لـمجتمع آخر بديل بقيم جديدة سامية ونبيلة.
- حديثه عن الرواية باعتبارها
خطابا نقديا لا يكتفي بتسجيل ما هو كائن تسجيلا حرفيا، وإنما يتجاوز ذلك إلى الارتباط
بـما هو ممكن، والتأسيس لواقع آخر جديد يتفادى أخطاء الـماضي وسلبياته.
- تأكيده على عمق العلاقة بين
الظاهرة الروائية والظاهرة الاجتماعية، مما يجعل العمل الروائي ليس مجرد حكي لفظي معزول
ومتعال على الواقع، وإنـما حكي إنساني مندمج في محيطه، ومعبر عن الام وآمال أهله وناسه.
وأما "مواطن ضعف"
هذا الـمنهج، فيمكن استعراضها كالآتي:
-
الاهتمام بـمضمون العمل الروائي على حساب تقنيات الشكل الفني.
-
معالجته وتحليله الـمضمون الاجتماعي فقط، دونـما الإلتفات لـمضامين أخرى کالـمضمون النفسي،
أو الفكري، أو غيرهما.
- التعامل مع الظاهرة الروائية والأدبية بشكل عام كظاهرة اجتماعية، بينما هي ظاهرة فنية جمالية بالدرجة الأولى.
-
جعله النقد الأدبي تابعا لعلم الاجتماع، أو بالأحرى مختبرا لتجريب الفعالية الإجرائية
لـمناهجه.
وبخصوص طريقة بناء هذا النص، يبدو أن الناقد قد سلك في معالجة
موضوعه أسلوبا استنباطيا انطلق بـموجبه من مبدأ عام وهو الإشارة إلى أن
رواية "دفنا الـماضي" لعبد الكريم غلاب تصبو إلى التبشير بـمجتمع مغربی اخر
تسوده قیم اجتماعية جديدة، ثم انتقل بعد ذلك إلى رصد أمثلة ونـماذج تدعم هذا
الـموقف (ظهور قيم جديدة تنبذ التمييز والفوارق الطبقية، وتؤمن بالـمساواة والحب والعدل
-هذه
القيم الاجتماعية الجديدة أدت بالضرورة إلى تلاشي واندحار قيم تقليدية متجاوزة، وعلى
رأسها ظاهرة "النخاسة"، واختلال العلاقة بين الرجل والـمرأة، واختزال ما يطبعها
من حب في البعد الجنسي فقط). ويبدو أن الناقد كان مقنعا إلى حد بعيد بهذا التصميم الـمنهجي
الـمعتمد في بناء وهندسة النص.
أما فيما يتعلق بـالأسلوب،
فإننا نلاحظ أن النص وبحكم انتمائه إلى الخطاب النقدي التفسيري الإقناعي، يعتمد على
أساليب الحجاج أو الاستدلال الـمختلفة، والتي يـمكن أن نـميز فيها بين ثلاثة أنـماط:
أ- أساليب حجاج مختلفة: وتكون عبارة عن أساليب ومبادئ منطقية ذات طابع
حجاجي. ومما ورد منها في هذا النص:
* السرد
أو الإخبار: ومثاله قول الناقد في النص: تصبو رواية "دفنا الـماضي"،
من خلال القراءة الخلفية الدلالية والرمزية لأحداثها ووقائعها، إلی التبشير بـمجتمع
مغربي آخر ممكن بدأت ملامحه ترتسم في الأفق.
* الوصف:
ومن نـماذجه: ويعتبر عبد الرحمان شخصية رئيسة ضمن شخصيات الرواية يجسد رؤية الإنسان
الـمغربي الجديد الـمتماهية مع رؤية المؤلف، المتطلعة إلى الغد الـمشرق.
* التفسير:
ومثاله في النص: وتتمثل هذه الطرائق (يقصد طرائق الكتابة الواقعية) في اعتماد الأسلوب
السردي الوصفي الاسترسالي...
* التمثيل:
كقول الناقد: وعلى رأس هذه الأعراف توجد النخاسة...
* الاستشهاد:
ومن نـماذجه الـمقطع الذي أورده الناقد، والذي ينتقد فيه عبد الكريم غلاب، على لسان شخصيته
الرئيسة عبد الرحمان، ظاهرة (النخاسة)، وذلك في حواره مع محمود الذي يعاني من عقدة
انتسابه إلى أم جارية: "... لا تدع خرافة السيدة والخادم تقهر نفسك، أنت رجل ابن
سيدة. ولو كانت في عُرف والدي وأمي خادمة اشتريت من سوق النخاسة... ارفع رأسك يا أخي
فالوقت ليس وقت السادة والعبيد..."
* الـمقارنة:
كما يبدو في القول التالي: على هذا النحو تتحكم النزعة الاصلاحية، وتنتحصل على ما عداها
من نزعات فنية أو جمالية، في الكتابة الروائية عبد الكريم غلاب .
* التقسيم:
ويتمثل في قول الناقد: غير أن ما تجدر الإشارة اليه أن الـميراث الجمالي للـمحاكاة الذي
يعتبر القاعدة الفنية العامة للكتابة الروائية في رواية "دفنا الـماضي" ينقسم
الى شقين ...
ب- مظاهر الاتساق: وتتمثل في أدوات الربط الـمختلفة الـمستعملة
للوصل بين أجزاء النص: كلمات و جملا وفقرات، والتي تشمل في هذا النص ما يلي:
* الربط
الإحالي:
- بواسطة أسماء الإشارة: "وعلى رأس هذه الأعراف توجد النخاسة".
-
بواسطة الضمائر: "ومن الـمنطلق الواقعي إياه، يضع الكاتب لروايته
خاتـمة دالة".
- بواسطة الـموصولات:
"وهي خاتـمة يـمكن أن نقول عنها أنها تتويج للبنية الدرامية التي تقوم عليها
حبكة الرواية".
* الربط التماثلي: "وتحفل
الرواية بعديد من الـمقاطع السردية التي تدخل في إطار النقد الاجتماعي الداعي إلی الاصلاح
و إلى التخلص من ربقة التقاليد والأعراف البالية".
* الربط العكسي: "وتتمثل
هذه الطرائق في اعتماد الأسلوب السردي الوصفي الاسترسالي الذي لا يلجا إلى الـمباغتة
أو الـمداراة أو إلى تكسير أفق انتظار القاری بل يجعل من تـمثيل الواقع ومماثلة
الوقائع وسيلة وغاية في الآن ذاته .
* أدوات
الاستنتاج: "هكذا يقرر وضع حد لحياة الحاج
محمد".
ج- عمليات الانسجام: وتتمثل في مجموعة من الخبرات والـمهارات والقدرات
التي يراهن الكاتب على ضرورة أن يتسلح بها القارئ من أجل أن يظفر بفهم أو تأويل سليم
للنص، يجعله يضفي طابع الانسجام عليه، ومن ذلك قدرته على:
- التغريض: والذي بـموجبه يـمكن للقارئ
أن يحدد تيمة النص، أو بنيته الدلالية الكبرى، والتي تتمثل بالنسبة لهذا النص في:
(القيم الاجتماعية الجديدة في رواية "دفنا الـماضي" لعبد الكريم غلاب).
- الحذف: وهي عملية يتم خلالهم
حذف أفكار ثانوية، والاحتفاظ بأخرى أساسية، وذلك تـماما كما فعلنا (وكما يـمكن أن يفعل
أي قارئ) مع هذا النص أثناء تلخيص مضمونه النقدي.
- ملء الفراغات: فقد
ورد في النص قول عبد الكريم غلاب في روايته "دفنا الـماضي": «ارفع
رأسك يا أخي فالوقت ليس وقت السادة والعبيد...». ويـمكن للقارئ ملء هذا الفراغ بـما
هو مناسب كقولنا: "بل وقت جديد بقيم جديدة تتمثل في الاحترام الـمتبادل، والتعايش
السلمي، والتعاون والتآزر".
- معرفة سياق النص: إذ من
الـمفروض معرفة جملة من الشروط الخارجية التي قد تكون وراء إنتاج النص، ومنها: (صاحبه،
نوعه الأدبي، ظروفه...). وهذه العناصر محددة ومعروفة بالنسبة لهذا النص.
- التأويل الـمحلي: ويفرض
على القارئ أن تكون تأويلاته معللة من النص، وذلك بـما يلزم من شواهد وأدلة وأمثلة ومن
تطبيقات هذا الـمبدأ، في النص الـمدروس، الـمقطع الأول الـمأخوذ من رواية "دفنا الـماضي"
والذي استشهد به الناقد في سياق نقده لظاهرة (النخاسة).
- امتلاك معرفة خلفية: بـما
هي جملة من الـمعارف والـمعلومات التي تكون قد تراكمت لدى القاری بفعل احتكاكه الـمستمر
بالنصوص، ومن أبرز هذه الـمعارف -بالنسبة لهذا النص بالذات- امتلاك رصيد معرفي بخصوص
"الـمنهج الاجتماعي" مثلا، وبخصوص رواية "دفنا الـماضي" لعبد الكريم
غلاب.
و تجدر الإشارة ها هنا إلى أن
الكاتب لا يراهن فقط على قدرة القارئ على فهم النص، والتي ترتبط بـمجموعة من العمليات
التي ذكرناها، وإنما بقدرته أيضا على تنظيم معطيات فهمه للنص في بنيات ذهنية منتظمة،
من قبيل:
- الأطر:
وهي معارف جاهزة مخزنة في الذاكرة تستدعي في عملية التأويل، وبالنسبة لهذا النص فالكاتب
قد يراهن على معرفة القارئ بإطار الـمناهج في دراسة النص الأدبي، وبالذات "الـمنهج
الاجتماعي".
- الـمدونات:
وهي التي تمكن القارئ من توقع النتائج انطلاقا من معطيات محددة فالقول بـ"دفنا
الـماضي" مثلا يسمح بتوقع الحديث عن قيم جديدة مستحدثة في الـمجتمع الـمغربي.
- الخطاطات:
وهي الـمرجعيات الثقافية التي يتم الانطلاق منها، وعادة ما تتضمن أحكاما مسبقة تقيد
القارئ وتوجه فعل قراءته. ويـمكن اعتبار "الـمنهج الاجتماعي" الـموظف في هذا
النص لدراسة رواية "دفنا الـماضي" إحدى الخطاطات الـمعتمدة.
- السيناريوهات: وهي
شبيهة بالـمدونات، لأنها عبارة عن معطيات معرفية تقود القارئ إلى توقع نتائجها الـمحتملة.
فموت الحاج محمد مثلا، باعتباره رمزاً لتلاشي واقع الانغلاق والقيم الدونية والأعراف
الـمنحطة، يفرض توقع سيناريو مقابل وبدیل مثلته عودة الـملك محمد الخامس من الـمنفى، وما
تدل عليه من واقع آخر ممكن في الـمستقبل القريب، مستقبل تسوده الحرية والاستقلال والكرامة.
ومن كل ما
سبق، نستطيع أن نخلص إلى أن الـمضمون النقدي، في هذا النص، يتمحور حول القيم
الاجتماعية الجديدة في رواية "دفنا الـماضي" لعبد الكريم غلاب، كما أن مصطلحه
النقدي يتضمن مفاهيم وعبارات ترتبط بالـمنهج الاجتماعي، لأنه هو الـمنهج الـموظف في التعامل
مع هذا النص الروائي بدلیل عدد من الـمؤشرات والشواهد النصية التي تثبت ذلك، علما بأن
لهذا الـمنهج -وكغيره من الـمناهج النقدية الأخرى- إيجابيات وسلبيات أبرزناها انطلاقا
من النص ذاته، هذا النص الذي اعتمد صاحبه على الطريقة الاستنباطية في بنائه، كما اعتمد
على جملة من الأساليب الحجاجية الـمختلفة، وعلى مجموعة من أدوات الاتساق، وعمليات وشروط
الانسجام، من أجل توضيح أفكاره والإقناع بصحتها وسلامتها.
والحقيقة
أنّ نصّاً بهذه الـمعطيات، يـمثل بامتياز مقومات وخصائص نص نقدي يوظف الـمنهج الاجتماعي
في دراسة نص أو أية ظاهرة أخرى من الظواهر الأدبية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق