الثانية آداب وعلوم إنسانية
الصورة الشعرية : تعريفها وأنواعها ومكوّناتها | شرح وتحليل الأمثلة
Ι- أمثلة الانطلاق:
1ـ قال البارودي:
أرْعَى الكَواكِبَ في السماء كأن لي *** عند النُّجومِ رَهِينِةً لم تُدْفَـعِ
زُهْرٌ تَأَلُّقُ بالفضاء كأنها *** حَبَبٌ تردًدَ في غديرٍ مُتـرَعِ
2ـ قال محمد بن إبراهيم:
قَريضِي تُوحيه إليً قَرِيحَتِي *** فأشدوا به شَدْوا به يُخْلَبُ اللُبُّ
معانيه لي قد أسْفَرَتْ عن لِثَامِهَا *** ويأتي ذَلُولا منه لِي يسْهُلُ الصعبُ
3ـ قال علال الفاسي:
حمامةَ الرَّوْضِ ،قد هَيَّجْتِ أشْجَانِي *** لَمَّا شَدَوْتِ بلحن منك أبكاني
هل أنت مثلي في وَجْدٍ وفي شَجَـنٍ *** نَأَيْتِ قبلي عن أَهْلٍ وجيرانِ
هيا نُرَدِّدٌ أهازيجا مُرَوِّعَـة *** نَعْزِفُ على وَتْرٍ في القلب رَنَّانِ
فكل ما هنا يدعو لأغنيـة *** أسِيفَة، من فؤاد مِثْلِ بُرْكَانِ
ΙΙ- ملاحظة وتحليل:
المثال الأول:
قال البارودي:
أرْعَى الكَواكِبَ في السماء كأن لي *** عند النُّجومِ رَهِينِةً لم تُدْفَـعِ
زُهْرٌ تَأَلُّقُ بالفضاء كأنهـا *** حَبَبٌ تردًدَ في غديرٍ مُتـرَعِ
في البيت الثاني من المثال نلاحظ الشاعر شبه النجوم في الفضاء بالفقاعات المتلألئة فوق سطح الماء، فشبه صورة النجوم بصورة الفقاعات.
فهذه صورة شعرية شكلتها الكلمات عبر تركيب لغوي، عاطفي، خيالي، لتصوير معنى عقلي يجمع بين شيئين من خلال علاقة المشابهة، وقد تكون تجسيدا أو تشخيصا أو تجريدا. وقد جاءت الصورة عبر تشبيه مفرد بمفرد فهي صورة مفردة.
المثال الثاني:
قال محمد بن إبراهيم:
قَريضِي تُوحيه إليً قَرِيحَتِـي *** فأشدوا به شَدْوا به يُخْلَبُ اللُـبُّ
معانيه لي قد أسْفَرَتْ عن لِثَامِهَا *** ويأتي ذَلُولا منه لِي يسْهُلُ الصعبُ
بملاحظة المثال الثاني نجد أن الشاعر اعتمد نفس المكونات التي تشكل الصورة وهي اللغة والعاطفة والخيال، فجعل موهبته الشعرية، وهي صورة معنوية، تشبه في وضوحها وجلائها صورة المرأة وهي تظهر محاسن وجهها، وهي صورة مجسدة، فالصورة جاءت مركبة بين ما هو معنوي وما هو مادي (جسدي)، فجاءت عناصرها متداخلة، تعكس تجربة الشاعر المعقدة.
المثال الثالث:
قال علال الفاسي:
حمامةَ الرَّوْضِ، قد هَيَّجْتِ أشْجَانِي *** لَمَّا شَدَوْتِ بلحن منك أبكانـي
هل أنت مثلي في وَجْدٍ وفي شَجَـنٍ *** نَأَيْتِ قبلي عن أَهْلٍ وجيـرانِ
هيا نُرَدِّدٌ أهازيجا مُرَوِّعَـة *** نَعْزِفُ على وَتْرٍ في القلب رَنَّانِ
فكل ما هنا يدعو لأغنيــة *** أسِيفَـة، من فؤاد مِثْلِ بُرْكَانِ
وظّف الشاعر صورة الحمامة للتعبير عن مجموعة من المعاني التي يعانيها الشاعر: الغربة والوحدة والشجن إلى حد تمازج مشاعره بصورة الحمامة بكل مكوناها فهي إذن صورة شعرية كلية. وجاءت مركبة تجمع بين صورة معنوية مشاعر الشاعر وصورة الحمامة بما تحمله من صفات مادية ومعنوية.
ΙΙΙ- استنتاجات:
تعريف الصورة الشعرية:
الصورة الشعرية تركيب لغوي بمكن الشاعر من تصوير معنى عقلي وعاطفي متخيل ليكون المعنى متجليا أمام المتلقي، حتى يتمثله بوضوح ويستمتع بجمالية الصورة التزينية. وتعتمد التجسيد والتشخيص والتجريد والمشابهة.
أنواع الصورة الشعرية:
تتشكل الصورة الشعرية من عدة مستويات:
1ـ الصورة المفردة: وتعتمد التصوير الحسي الموجود بين المتشابهين في الظاهر دون النفاذ إلى المعاني النفسية.
2ـ الصورة المركّبة: وتكون عبر تصوير يجمع بين ما هو حسي وما هو نفسي عاطفي تتداخل فيها العناصر.
3ـ الصورة الكُلّية: وتعتمد على تكثيف كل عناصر الصورة عبر التنسيق بينها في سياق تعبيري واحد، والجمع بين ما هوتجسيدي وما هو نفسي، في تشكيل يعكس تجربة الشاعر.
مكونات الصورة الشعرية:
تعتمد الصورة الشعرية على ثلاث مكونات أساسية:
* مكون اللغة: نسيج الألفاظ في التعبير الشعري يشكل الصورة التي يعبر بها الشاعر عن تجربته، فاللغة هي عماد الصورة الشعرية.
* مكون العاطفة: تعتبر العاطفة هي الروح التي تنفخ في اللفظة التي تأخذ القالب النفسي الوجداني لحالة الشاعر.
* مكون الخيال: وهو الذي يمكن اللغة والعاطفة من تحديد معالم الصورة فيتفاعل معها المتلقي شكلا ومضمونا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق