منهجية تحليل نص نظري حول المسرحية | نموذج تطبيقي للتحميل pdf
◄ الأسئلة:
اُكتب موضوعا إنشائيا متكاملا تُحلّل فيه هذا النص، مستثمرا مختلف مكتسباتك المعرفية والمنهجية واللغوية، مع الاسترشاد بالمطالب التالية:
- صياغة تمهید مناسب للنص، مع وضع فرضية لقراءته.
- تلخيص مركز لأهم الأفكار والقضايا المتضمنة في النص.
- التعريف بالعناصر الأساسية والثانوية للخطاب المسرحي، وإبراز العلاقات التي تنظمها.
- بیان المنهجية المتبعة، ومختلف الأساليب الحجاجية المعتمدة في معالجة الموضوع.
- تركيب معطيات التحليل، وتقويم رأي الكاتب فيما يتعلق بخصوصية المسرح وعناصره.
◄ التّحليل:
يُعتبر المسرح أبّ الفنون، فهو يحتوي في طيّاته على القصة والسرد، وعلى الموسيقى والغناء، وأشكال الرقص، كما كان في القديم يُعد من أرقى فنون الشعر نظرا لاعتماده اللغة الفنية الراقية... ولعلّ تعدد العناصر وتداخل الفنون في العمل المسرحي يطرح إشكاليات على مستوى إعطاء تعريف دقيق لهذا الفن، حيث وجدنا من يركز على اللغة، وعلى النص المسرحي في ذاته، ويُعتبر ذلك جوهر الإبداع المسرحي، كما وجدنا من يركز على عملية العرض وما يرتبط بها من تمثيل وديكور وإضاءة ... ومهما اختلفت تعريفات المسرح، فإنه لا جدال حول الوظيفة الجليلة التي يؤديها في تربية الناس وتهذيب أذواقهم وأخلاقهم. وإذا كان الخطاب المسرحي قد فرض نفسه، كفنّ، من خلال تراكم الأعمال الإبداعية، فهذا لا ينبغي أن يحجب الدور الذي لعبته الكتابات النظرية والنقدية من أجل ترسيخ هذا الفن وتوجيهه وتطويره، ويندرج في هذا السياق ما يقدمه الكاتب المصري نبيل حجازي في هذا النص بعنوان "مدخل لدراسة المسرح" الذي يوحي بأن الكاتب يحاول أن يقدم مقاربة نظرية، يعتبرها منطلقا وأساسا (مدخلا) لدراسة المسرح، واستجلاء عناصره وخصائصه الفنية المختلفة.
إذن، ما هي القضية العامة التي يتناولها الكاتب في هذا النص ؟ وكيف عرّف من خلالها العناصر الأساسية والثانوية للخطاب المسرحي ؟ وما هي الطريقة المنهجية المتبعة، والأساليب الحجاجية المعتمدة في معالجة هذا الموضوع ؟ وإلى أي حد استطاع الكاتب أن يقدم لنا تصورا نظريا واضحا حول الخطاب المسرحي ؟
ينطلق النص من رأي مشهور لأرسطو ورد في كتابه المعروف بـ"فن الشعر"، وفيه يحدد العوامل التي ساهمت في نشأة الفن المسرحي، والتي يلخصها في سبيين هما: اتخاذ الإنسان من المحاكاة وسيلة فطرية للعلم، والتذاذه بمحاكاة الطبيعة وعناصرها. وأقرب وسائل المحاكاة هي تلك التي استعمل فيها الإنسان جسده (وجوده المادي)، مما ساهم بشكل كبير في ظهور التمثيل المسرحي. وقد انتقل الكاتب بعد ذلك لتحديد جملة الوظائف التي تؤديها المحاكاة في علاقتها بالتمثيل المسرحي، فحصرها في تمكين الإنسان من اكتشاف مشاعره، ومساعدته على فهم أعمق الأفكار والأحداث، فضلا عن مساعدة معلقي العرض المسرحي على التخفيف من مخاوفه.
* المحاكاة: هي مفهوم حدد مدلوله أرسطو خاصة في كتابه "فن الشعر الذي اعتبر فيه الفنون، ومنها الفن المسرحي والملحمي، أشكالا للمحاكاة، حيث قال : «الملحمة والمأساة، بل والملهاة... وجل صناعة العزف بالناي والقيثارة هي كلها أنواع من أنواع المحاكاة في مجموعها». والمقصود بالمحاكاة الطريقة التي تحاول بواسطتها هذه الفنون نقل مظاهر الطبيعة، وأحدالها، ونقل الأفكار والمشاعر الإنسانية... ويعتبر أرسطو أن المحاكاة، لا يمكن اعتبارها تقليدا للواقع، لأن الفنون ومن أهمها المسرح تعيد تشكيل الواقع في حلة جديدة، تجعله أسمى وأرقی مما هو عليه، وهذا خالف أرسطو نظرية المثل الأفلاطونية التي اعتبرت الفنون بعيدة عن الوصول إلى المثل الأعلى، لأنها مجرد محاكاة للواقع الذي يعتبر بدوره محاكاة لعالم المثل.
* الممثل (المحاكي للأفعال): يعد الممثل دعامة أساسية في عملية العرض المسرحي، فلا يمكن تصور مسرح بدون ممثل أو ممثلين، إنه الشخص الذي يحاول بواسطة صوته، وحركاته، وإشاراته... محاكاة الأفعال، والأفكار، والمشاعر المتضمنة في المسرحية... متوخيا نقل كل ذلك إلى الجمهور والتأثير فيه. ويتصف فعل الممثل في نظر الكاتب بمسألتين هما : الحرية، والمجانية، مما يعني أنه لا تفرض عليه قيود تلزمه بأداء معين شبيه بذلك الذي يقوم به المذنب أمام المحقق. ومن هنا يختلف الكاتب مع من يأخذ بمقولة «الحياة مسرح كبير»، لأن الأفعال في الحياة تفتقد إلى الحرية والمجانية خلاف التمثيل.
* المتفرّج (المتلقي): هو الشخص الذي يستقبل ما يعرض في المسرح فيترجم ذلك إلى أفكار ومشاعر. ولذلك فإن مقياس نجاح العرض المسرحي يرتبط بمدى تأثيره في متلقيه. وهذا لا يعني أنّ المتلقي يظل مجرد مستهلك سلبي لما يتلقاه، بل يعيد قراءته وتأويله. من خلال إسقاطاته، وتراكماته الثقافية والحضارية. وباختصار من خلال ما يسمى في نظرية التلقي بـ"أفق الانتظار".
ويرى الكاتب أن إسقاطات المتلقي وتأويلاته هي التي تضمن للعرض المسرحي حياته وتمنحه روحه، أما أرسطو فيرى وظيفة المسرح تكمن في تطهير المتلقي من بعض الانفعالات الضارة، مثل الخوف والرحمة، حيث يرى أن: «المأساة هي محاكاة.... تثير الرحمة والخوف، فتؤدي إلى التطهير من هذه الانفعالات».
وقد سلك الناقد في تقريبا من خصوصية الفن المسرحي منهجا استقرائيا انطلق فيه من الجزئيات المتعلقة هذا الفن، منتهيا إلى تقریر تصوره العام. وهكذا وجدناه في بداية النص يتحدث عن نشأة المسرح، وعن المحاكاة المسرحية وخطواتها، ووظائفها، قبل أن ينتقل إلى تحليل العناصر الثلاثة الجوهرية: الممثل، والمكان، والمتلقي، لينتهي في الأخير إلى تأكيد أن جوهر المسرح هو هذه العناصر الثلاثة، مقصيا باقي العناصر وفي مقدمتها اللغة إلى مراتب دنيا.
وقد استعان الكاتب للدفاع عن أطروحته حول الفن المسرحي بعدة وسائل حجاجية لعل أهمها أسلوب التعريف، حيث وجدنا الكاتب عبر نصه حريصا على ضبط الخصائص المسرحية والتعريف بها، خاصة تلك التي اعتبرها جوهر الفن المسرحي (الممثل والمكان والمتلقي). كما حضر من الأساليب الحجاجية أسلوب المقارنة، وذلك من خلال مقارنة الناقد بين الممثل والمذنب الذي يحاكي كيفية ارتكابه لجريمته، والمقارنة بين المسرح اليونانية والمسرح الحديث... وقد دعم الناقد منهجه الحجاجي من خلال الاستشهاد بآراء أرسطو حول المحاكاة، والحضور اللغوي في الشعر المسرحي، فضلا عن استحضاره لبعض المرجعيات النقدية الحديثة كنظرية التلقي التي وظفها لإبراز کيفية تفاعل المتلقي مع ما يعرض عليه من مسرح، كل هذا مع الحرص على التبرير والتعليل لبعض المسائل الإشكالية ومن أمثلة ذلك تبرير سيطرة فن القول في المسرح اليوناني، بأن: «إبداعات القول قد سيطرت في تلك الآونة على فن العرض المسرحي».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق