جاري تحميل ... مول لعربية - Mol L3arbiya

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة

الثانية آداب وعلوم إنسانية

والمعاني باقيات : تحضير النص الشعري I سؤال الذات I واحة اللغة العربية، ص: 63 I الدرس 4





◄ تمهيد:


    ظهرت الرومانسية العربية في بداية القرن العشرين كرد فعل ضد المدرسة التقليدية التي همشت الذات والعاطفة، بحيث لم يكن من المستساغ الاستمرار في تقليد الشعر العربي القديم في وقت كان فيه المجتمع العربي يحاول الخروج من النفق المظلم الذي فرضته عليه السنوات الطويلة من الانحطاط، وقد تضافرت مجموعة من العوامل وساعدت على ظهور الشعر الرومانسي العربي الذي جعل الذات مصدر الإبداع وبؤرته، منها:


* التأثر بأعلام الرومانسية الغربية أمثال لامارتين وفيكتور هيجو.

* معاناة الجيل العربي في تلك الفترة من كبت الحريات ومصادرة الأفكار والتعرض للقمع، وهذا ما أثَّرَ على توجه الشاعر العربي الذي انطوى على نفسه وانسحب إلى دنيا الأحلام متقلبا بين اليأس والأمل.

* الرغبة في التجديد عندما ضاق الأدباء ذرعا بالموضوعات القديمة والصور التقليدية وأرادوا التحرر من القيود التي كبلت حرية الشاعر في الإبداع.

    وقد بدأت الحركة الرومانسية على صورة مذهب نظري نقدي ثم بعد ذلك جسدها الأدباء في إنتاج شعري. وقد تبلور هذا الاتجاه في كتابين نقديين هما ”الديوان” سنة 1921 لكل من العقاد والمازني، وكتاب “الغربال” الذي صدر سنة 1922  لميخائيل نعيمة، بالإضافة إلى مجلة أبولو التي صدرت عام 1932، وانطلاقا من هذا الجانب النظري نشأت عدة تنظيمات أدبية رومانسية أهمها: مدرسة الديوان والرابطة القلمية (المهجر) وجماعة أبولو.

الصفحة الأولى

І- ملاحظة نص والمعاني باقيات:


1- نوعية النص:

موشّح: وهو شكل شعري جديد لا يخضع لوحدة القافية والروي.

2- صاحب النص:

عبد الكريم بن ثابت: شاعر مغربي، وأحد أبرز ممثلي جماعة أبولو ببلادنا.

3- دلالة العنوان:

المعاني باقيات": يحيل العنوان على أنّ كل شيء سيفنى إلا المعاني فهي باقيات إلى الأبد.

4- الجامع بين العبارات الآتية:

* قدت نفسي
* سخرت نفسي مني
* قلت: نفسي خبريني
 ¬ حوار بين الشاعر ونفسه

5- علاقة هذه العبارات بالعنوان:

حوار داخلي بين الشاعر ونفسه حول مصير المعاني بعد الموت.

6- الفرضية:

نفترض انطلاقا من المشيرات السابقة، أن الشاعر سيرافق نفسه في القصيدة ليحاورها في مجموعة من المعاني والموضوعات.

ІІ- فهم نص والمعاني باقيات:


أ) المضمون العام:

انفصال الشاعر بينه وبين نفسه، ومصاحبة نفسه إلى الطبيعة مدة يوم واحد بحثا عن الذات.

ب‌) مقاطع النص:

- المقطع الأول: قيادة الشاعر نفسه إلى الطبيعة صباحا للاستمتاع بالمناظر الطبيعية، وسخرية نفسه منه.

- المقطع الثاني:
دخول الشاعر رفقة نفسه وسط الغابة وقت الضحى، وسخرية نفسه منه لما طلب منها قراءة المعاني.

- المقطع الثالث:
ارتحال الشاعر في السماء رفقة نفسه مساء، وسخرية نفسه منه لما طلب منها النظر إلى جمال الليل.

- المقطع الرابع:
سماع الشاعر صوت نبي يؤكد له أنه سيفنى، وأن المعاني وحدها ستبقى خالدة بعده.


ІІІ- تحليل نص والمعاني باقيات:


1- 
المعجم:

حقل الذات: قدت نفسي / قلت للنفس / يخلبني / يجذبني / سخرت نفسي مني / سبتني / أنستني / قلت نفسي خبّريني...

* حقل الطبيعة: ذات صبح / رياض / الورد والفلّ / الزهرات / الطير / الضحى / الشمس / أمواج السحاب / ظلال / مساء / السماء / نجوم لامعات في الفضاء...

العلاقة: ترابط وتكامل وتفاعل وتناغم وانسجام.

¬ فالمعجم كما يبدو مثقل بحمولات نفسية، كما أنه يتسم بالرقة والليونة، وبالسهولة والوضوح، ويرتبط بحقلي "الذات" و"الطبيعة"، وما بينهما من ترابط وتفاعل، وهذا ما يجعل منه "معجما رومانسيا" بامتياز.






2- الصور الشعرية:

· الاستعارة:

- في البيتين 1-8: حيث قام الشاعر بـ"تشخيص / أنسنة" نفسه على سبيل الاستعارة المكنية.
- في البيت 11: إذ يستعير الشاعر لـ"السحاب" أمواجا، وذلك أيضا على سبيل الاستعارة المكنية.

· التشبيه:

- في البيت 45: حيث يشبّه الشاعر "فناء العقل" بـ"فناء الجنون".

¬ هذه الصور الشعرية تقوم على علاقة المشابهة، وتجعل من "الذات" و"الطبيعة" محورا لدلالتها، كما تؤدي وظيفة تعبيرية انفعالية ووصفية تصويرية وتأثيرية تفاعلية وجمالية استيطيقية. وكلها خصائص تميّز الصورة الشعرية في القصيدة الرومانسية.


3- الإيقاع الخارجي:

· الوزن:

ويتمثل في بحر الرمل المجزوء (فاعلاتن فاعلاتن *** فاعلاتن فاعلاتن)، وهو من البحور القصيرة والصافية. ويبدو أنه خضع في النص لبعض التنويعات، منها:
- دخول زحاف "الخبن" (حذف الثاني الساكن) على تفعيلة الحشو في الشطر الثاني.
- دخول علة "القصر" (حذف ساكن السبب الخفيف وإسكان متحركه) على تفعيلة الضرب.

وللاستدلال على ما نقول يمكن تقطيع البيت الأوّل
على النحو الآتي:

قُـدْتُ نَفْسِي ذَاتَ صُـبْحٍ *** لِـرِيَاضٍ حَاـفِلاَتْ
قُدْتُ نَفْسِي ذَاتَ صُبْحِنْ *** لِرِيَاضِنْ حَافِلاَتْ
/0 / / 0 / 0   / 0  / / 0 / 0         /// 0 / 0 / 0 / / 0 0
فاعـلا تن  فا عــلا تن       فعلاتــن فا علات
 

¬ وأن يكون البحر من البحور القصيرة، فلقصر مدة الرحلة التي قضاها الشاعر رفقة نفسه، وأن يكون من البحور الصافية، فلكي يعكس حالة الهدوء والصفاء والاستقرار التي حظي بها الشاعر في الطبيعة.


· القافية والرّويّ:

جاءت القافية متنوّعة لأن أحرف رويّها متعدد أيضا.

 ¬ولا شك أن القافية الروي بهذا التنوع، يفسحان المجال أكثر للنفس كي تعبّر عن مكامنها، وهذا مظهر آخر من "مظاهر التجديد" في هذا النص، وإن كان قد تم الإبقاء على وحدة الوزن (الرمل المجزوء) كمظهر من "مظاهر التقليد".

4- الإيقاع الداخلي:

 التكرار:

- تكرار الحركات:
السكون (دْ / فْ / بْ / تْ...)، الضمة (قُ / تُ / صُ...)، الفتحة (نَ / ذَ / حَ...).

- تكرار المدود الصوتية:
(ي / ا / ـا / ـيـ / ى / ـو...).

- تكرار الحروف:
(ت / ن / ض / ب / ء...).

- تكرار الكلمات:
(نفسي / قد / مضى / ظلال...).

- تكرار العبارات:
(سخرت نفسي مني ثم قالت قد مضى / قد مضى ما كنت تهواه وولى وانقضى...).

- تكرار الصيغ الصرفية:
(الزهرات / النغمات)، (العذاب / الكتاب)، (السماء / الفضاء)، (نعيم / كريم)...

- تكرار التجانس:
(يخلبني / يجذبني)، (مساء / السماء)، (جمال / كمال)...

- تكرار الاشتقاق:
(جميل / جمال).

5- الأسلوب:

- حضور ذات الشاعر في النص، من خلال ضميري: المتكلم المفرد (قدت نفسي / قلت / يخلبني...)، والمتكلم الجمع (فرأينا / جلسنا / وارتحلنا...). وكذا استعمال ضميري: المخاطَب المؤنث (تملي / انظري / اقرئي...) والغائب المؤنث (سخرت / ثم قالت...).

- المزاوجة بين الجمل الخبرية (سمعنا الطير يشدو / إنه الحب هنا...) والأساليب الإنشائية من قبيل: الأمر (تملي / انظري / اقرئي...)، التعجب (كم سباني الفكر فيها)، النداء (يا نفس / يا كريم...)، الاستفهام (ما هذا ؟ / ألم يبق لدى الكون جمال ؟...)، النهي (لا تسل).

- توظيف أسلوب سردي قائم على الحوار الداخلي (المونولوج أو المناجاة) بين الشاعر ونفسه (ذاته).

 ¬ وقد لعبت هذه الأساليب مجتمعة دورا كبيرا في الكشف عن انفعالات الشاعر وتجربته الذاتية في تفاعلها مع الطبيعة.

ІV- تركيب وتقويم:


مما سبق، نستطيع أن نخلص إلى أنّ النص يعكس تجربة التفاعل بين الذات (الشاعر) والطبيعة. ولنقل هذه التجربة تم التوسّل بجملة من الإمكانيات التعبيرية والفنية من قبيل:


- اعتماد هندسة تختلف عن البناء التقليدي المألوف، وبهذا الخصوص يبدو أن الشاعر قد استوحى شكل أو بناء الموشّح.

- توظيف معجم بحمولات نفسية ثقيلة، معجم ليّن ورقيق، سهل وواضح، مألوف وتواصلي، معجم مرتبط بحقلي الذات والطبيعة.

- اعتماد صور شعرية متنوعة في أنماطها، بمكونات تقليدية وجديدة، وبدلالات رومانسية، وبمرجعيات حسية وذاتية، وبعلاقات تقوم على المشابهة، وبوظائف انفعالية وتعبيرية ووصفية وتأثيرية وجمالية.

- اعتماد وحدة الوزن وتنويع القافية والروي من حيث الإيقاع الخارجي، وأشكال التكرار والتوازي المختلفة من حيث الإيقاع الداخلي.

- توظيف أسلوب سردي هادئ ناعم ليّن رقيق هامس انفعالي من جهة، بسيط واضح سهل تواصلي انتقائي معبّر من جهة ثانية.

- استثمار الطاقات التعبيرية التي تتيحها بعض الأساليب الإنشائية للتعبير عن الحالات الانفعالية.

- هيمنة ضمير المتكلم في النص، مما يعطي حضورا لافتا للذات.

 ولا شك أن نصًّا بهذه الخصائص المضمونية والشكلية يجسد بامتياز انتماءه إلى الاتجاه الرومانسي، وهذا ليس بغريب أو صعب على "عبد الكريم بن ثابت" الذي يعتبر أحد الأعمدة الكبار لهذا الاتجاه في المغرب، إلى جانب عبد المجيد بن جلون، وعبد القادر حسن، ومصطفى المعداوي، ومحمد الصباغ، وإدريس الجائي، وعبد المالك البلغيثي، والمختار بن أحمد الحداد...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

تجدون في هذه المدوّنة دروس مادة اللغة العربية، من منهجيات تحليل النصوص إلى طرق التعامل مع الامتحانات الجهوية والوطنية. كل ذلك في سبيل المساعدة وضمانا للنجاح.