Ι- أمثلة الانطلاق:
1- قال البارودي يصف حديقة:
فإذا نظرت ففي السماء غمَامَةٌ *** تَدِقُّ الجُمان وفي الفضاء غديرُ
وإذا أصخت فللبلابل نغمـــــــةٌ *** تُشْجي الخَليَّ وللحمـام هديــــرُ
2- وقال أيضا مفتخرا:
أنا المرءُ لا يثنيه عن دَرَكِ العلا *** نَعيمٌ، ولا تغدو عليه المفَاقــــِرُ
قؤولٌ وأحلام الرِجال عوازب *** صَؤُولٌ ، وأفواه المنايا فواغــرُ
3- قال أبو القاسم الشابي:
ولعلعةُ الحقِ الغضوبِ لها صدٌ *** ودمْدَمة الحرب الضَّروس لها فَمُ
4- وقال أيضا:
في ظلام الكهوف أشباحُ شؤْم *** وبهذا الفضاء أطياف نَحْـسٍ
5- قال عبد الرحمن شكري:
يا ريح أيُ زئير فيك يفزعني *** كما يروِع زئير الفاتك الضاري
يا ريح أي أنين حَنً سامعه *** فهل بليتِ بفقد الصًحب والجار
يا ريح مالكِ بين الخلق موحشَة ٌ *** مثلُ الغريب غريبِ الأهل و الدار
6- قال المتنبي مادحا سيف الدولة:
وقفتَ وما في الموت شك لواقفٍ *** كأنك في جفن الرًدى وهو نائم
تمر بك الأبطال كلمى هزيمـة *** ووجهك وضاح وثغرك باسم
7- قال جبران خليل جبران:
الخيرفي الناس مصنوع إذا جبروا *** والشر في الناس لا يفنى وإن قبروا
ΙΙ- ملاحظة وتحليل:
المثال الأول: الشاعر حقق جمالية شعرية وإيقاعية لا جدال فيها ،وإذا تأملنا في البيتين نجد جمالية أخرى تتحقق من خلال التوازي الحاصل بين الحروف (ف / و) والكلمات (نظرت / أصخت، السماء / البلابل، غمامة / نغمة، تدق / تشجي...) والعبارات (كل شطر في البيت الأول يوازي نفس الشطر في البيت الثاني).
* استنتاج 1:
التوازي هو التشابه
القائم على تماثل بنيوي في بيت شعري أو أبيات شعرية. وعادة ما يكون التشابه بين
المتوازيين باعتبارهما طرفين متعادلين في الأهمية من حيث المضمون والدلالة ،
ومتماثلين من حيث الشكل في التسلسل والترتيب.
المثال الثاني: نجد البيت الثاني تحقق في التوازي بين الكلمات (قؤول/ صؤول، أحلام/ أفواه، الرجال/ المنايا،عوازب / فواغر) وبتأمل هذا التوازي نكتشف وحدات صوتية تخضع لانسجام صوتي، لتقاربها في المخرج أو الصفة وهذا ما يعرف بـالتوازي الصوتي.
* استنتاج 2:
إن عنصر الانسجام
الصوتي يساهم في إغناء الطاقة التخييلية للشعر. وعندما تتردد عناصر هذا الانسجام
الصوتي ، بصورة كلية أو جزئية، وتكون متوازنة في إيقاعها ومتماثلة في بنيتها
الشكلية نسميها التوازي الصوتي.
المثال الثالث والرابع: في المثالين نجد أيضا التوازي على مستوى الحروف والكلمات والعبارات، وبملاحظة المستوى التركيبي نجده يخضع لتواز محكم ودقيق، ففي المثال الثالث نجد في الشطر الأول: حرف + اسم + اسم + صفة + جار ومجرور + اسم، نفس التركيب نجده في الشطر الثاني من نفس المثال، وهذا ما يعرف بـالتوازي التركيبي التام.
أما المثال الرابع فالشطر الأول متواز تركيبيا مع الشطر الثاني إلا أن هذا الأخير يبدأ بحرف لا يوجد في الشطر الأول ويسمى بـالتوازي التركيبي الجزئي.
* استنتاج 3:
التوازي التركيبي نوعان:
- التوازي التركيبي التام: ويكون عندما تتساوى عناصر البيت في بنيتها التركيبية وتتفق في الوظائف النحوية والصرفية التي تؤديها.
- التوازي التركيبي الجزئي: ويكون بالتطابق بين عناصر ومتواليات الطرفين المتوازيين في البنية النحوية، مع اختلاف في بنيتهما التركيبية، بالزيادة أو بالحذف أو بالاستبدال.
المثال الخامس: نجد الأبيات الثلاثة تتمركز حول بؤرة واحدة "يا
ريح"، فهي إذن تشترك في المعنى الدلالي: أي توازٍ دلالي يتمثل في تطابق
البنية
النحوية والصرفية التي تؤدي نفس المعنى الدلالي؛ أي النواة المعنوية.
التوازي الدلالي يتحقق باشتراك الكلمات في نفس المعنى الذي يتولد في ذهن التلقي عبر ما يوحي به التقابل والتجاور بين الكلمات من معان ودلالات.
المثال السادس: المتنبي استعمل كلمات مترادفة (الموت / الردى، كلمى / هزيمة، وضاح / باسم) فالتوازي هنا قائم على الترادف.
التوازي بالترادف هو تشابه بين عنصرين متتالين لإثبات نفس المعنى الدلالي، ويكون بصيغة تعبيرية مختلفة شكلا ومتفقة مضمونا.
المثال السابع: الشاعر جبران استعمل التوازي بـالتضاد ( الخير ≠ الشر، مصنوع ≠ لا يفنى).
التوازي بالتضاد تشابه بين طرفين متعادلين ومتتاليين على مستوى البنية التركيبية ،ولكنهما متقابلين تقابلا ضديا من حيث دلالة تلك العناصر.
ΙΙΙ- استنتاجات:
التوازي هو التشابه القائم على تماثل بنيوي في بيت شعري أو أبيات شعرية. وعادة ما يكون التشابه بين المتوازيين باعتبارهما طرفين متعادلين في الأهمية من حيث المضمون والدلالة، ومتماثلين من حيث الشكل في التسلسل والترتيب.
ويشترط في التوازي عنصر التوالي دون وجود فاصل بين الجمل المتوازية.
وينقسم التوازي إلى ثلاثة أنواع:
أ ـ التوازي الصوتي
ب ـ التوازي التركيبي (تام وجزئي)
ج ـ التوازي الدلالي (القائم على الترادف، والقائم على التضاد)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق