قضايا الإطار الموسيقي الجديد للقصيدة | تحليل نص نظري في تكسير البنية
تحليل نص نظري حول تكسير البنية:
استمر الشعر العربي في عملية التجديد والتطوير استجابة لعدد من الظروف السياسية والاجتماعية والفكرية، وكان لها تأثير على الشاعر الذي أصبح يمتلك رؤيا شعرية جديدة لم تعد الأشكال الشعرية التقليدية تساعده في التعبير عنها، لذلك وظف بنيات شكلية ولغوية وفكرية جديدة اعتمد فيها نظاما لغويا وإیقاعيا مختلفا، وركز فيها على الانزياح اللغوي والتركيبي ونظام السطر الشعري والتنويع في القافية والروي، كما استخدم وسائل جديدة في تأليف الصور الشعرية كالرموز والأساطير.
قضايا الإطار الموسيقي الجديد للقصيدة - الصفحة الأولى |
وقد اهتم النقاد والدارسون بالتنظير لهذه التجربة الشعرية والتعريف بها وبخصائصها، ومن هؤلاء نذكر عز الدين إسماعيل صاحب هذا النص، الذي نفترض انطلاقا من ملاحظة عنوانه (قضايا الإطار الموسيقي الجديد للقصيدة) وبدايته (كل من يتتبع أشكال االتجديد والتطور في موسيقى شعرنا المعاصر) ونهايته (هنا كان لابد من الخروج إلى ما سميناه بالجملة الشعرية) أننا أمام نص نظري سيعرفنا بتجربة تكسير البنية الإيقاعية للشعر التقليدي وما صاحب ذلك من تطوير وتجديد في القصيدة العربية.
|
القضية المطروحة في نص قضايا الإطار الموسيقي الجديد للقصيدة:
استعرض الكاتب في هذا النص النظري المراحل الأساس لتطور موسيقى الشعر العربي المعاصر، وهي ثلاث مراحل: بدأت بالبيت الشعري التقليدي المتشكل من نظام الشطرین والمتميز بضوابطه وسماته الجمالية، ثم مرحلة السطر الشعري التي فتحت آفاقا موسيقية جديدة أمام الشعراء الجدد الذين استفادوا من "التفعيلة" کوحدة صوتية وإيقاعية أخذت عن علم العروض التقليدي ووظفوها بطريقة تسمح لهم بالاستفادة من حرية التعبير دون قيود، ووصولا إلى الجملة الشعرية التي تجاوزت البيت التقليدي والسطر الشعري، ووضعت أسُسا ربطت بين المبنى والمعنى في ارتباط وثيق بالدفقة الشعورية.
طرح الكاتب في نصه قضية مهمة تمثلت في "الإطار الموسيقي الجديد للقصيدة" لكون هذه الخاصة الفنية هي أهم ما يميزها، وهي أول ما يصدم القارئ المعتاد على نظام الشطرين المتساويين المتناظرین، فالإطار الموسيقي الجديد يتمثل في استخدام التفعيلة أولا ثم تجاوزها بعد ذلك إلىالجملة الشعرية وهي أكثر عمقا.
الطريقة المعتمدة في بناء نص قضايا الإطار الموسيقي الجديد للقصيدة:
ولبناء نصه هذا، اعتمد الكاتب في عرض قضيته الطريقة الاستدلالية الاستنباطية التي انتقل فيها من العام إلى الخاص؛ حيث بدأ بتحديد مراحل تطور الإيقاع الموسيقي للقصيدة العربية، ثم انتقل بعد ذلك إلى شرح وتفصيل كل مرحلة على حدة، مُبرزاً خصوصياتها وتطوراتها وجمالياتها وقدرتها على التجاوز والتجديد، لينتهي في الأخير إلى التأكيد على أهمية الجملة الشعرية باعتبارها مرحلة تجسد أقصی تجليات التجديد والتغير.
الأساليب الحجاجية الموظفة في نص قضايا الإطار الموسيقي الجديد للقصيدة:
وحتى يقنعنا الكاتب بصحة وجهة نظره اعتمد مجموعة من الأساليب الحجاجية، من
ذلك مثلا: توظيف لغة تقريرية مباشرة هدفها التواصل وإبلاغ الفكرة، وأسلوب التعریف
الذي نجده كثيرا في النص، ومن أمثلته تعریفه الشطر الشعري بكونه "تركيبة موسيقية للكلام"، وأسلوب المقارنة متمثلا في عرض أوجه الاختلاف والائتلاف بين البيت الشعري والسطر الشعري في
طريقة استخدام التفعيلة، وأسلوب التقسيم حيث قسم الإطار الموسيقي للقصیدة
العربية إلى ثلاث مراحل، وأسلوب التوكيد كما في قوله: "إنّ معظم هذا
النظام داخلي، ينتمي إلى الشيء نفسه (القصيدة) وينبع من داخله"...
تركيب نتائج تحليل نص قضايا الإطار الموسيقي الجديد للقصيدة:
ختاما، وبعد تحليلنا لهذا النص النظري، وجدنا أن الكاتب يطرح قضية من أهم قضایا تجربة تكسير البنية وهي الموسیقى أو النظام الإيقاعي الذي انتقل من طورِ البيت الشعري إلى الجملة الشعرية مرورا بالسطر الشعري، وقد كان هذا التطور استجابة للدفقة الشعورية والنسق الفكري لدى الشاعر، ولبناء نصه هذا اعتمد الكاتب أسلوبا استنباطيا تدرج فيه من الحكم إلى التفصيل، واعتمد مجموعة أساليب الحجاج التي تنوعت بين التعريف والشرح والتفسير والتقسیم والمقارنة، وكل ذلك بهدف الإقناع، ولعله قد نجح في ذلك بدرجة كبيرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق